جامعة العلوم والتكنولوجيا والقراءة
مدخل
إليها تنتسب قصة الحضارة، ومنها تتناسل كل اللحظات ذات القيمة في تاريخ البشرية الحديث؛ التراكم المعرفي، التطور العلمي، الحديث الإنساني الممتد منذ البدايات الغابرة، التفاصيل التي بإشراقها نبتت أعظم أفكار الإنسان التغييرية، العالم وهو يتنقل من لحظة مسطحة، فقيرة التكوين، أحادية البعد، ثنائية اللون، بدائية الإيحاء، إلى لحظة كاللحظة الراهنة؛ لا متناهية الأبعاد، كثيفة التفاصيل، مفتوحة الخيال أمام لا نهائية التدرج اللوني، معقدة المقاربة، متداخلة الإيحاء، مفتونة بالشك، مطلة على بحار من المعرفة المتماوجة والسخية والملغزة المعجزة الفاتنة، كل هذا ليس إلا وليد اللحظة متناهية التكثيف التي اكتسب فيها الآدمي/ الهوموسابيان القدرة على التهجي والتأتأة، القدرة على القراءة، حين تعلم الأسماء، وبها تجاوز كافة المخلوقات علوا وقدرة وحظوة.
وبرغم هذا المسرح الكوني المطبوع على التنوع الفكري الهائل، والتباين الحاد في الرأي، إلا أن المزاج العام يكاد يتواصى بمحورية القراءة، وكونها إحدى الأفعال الإنسانية الكبرى التي لا ريب فيها، تلك التي كانت لربتما سر الأسرار، والاسم الأعظم، والهبة الكونية التي تقف وراء بقاء الإنسانية حتى اللحظة، وخلوصها من مزاج الفناء الذي يزور هذا الكوكب كل عصر وآخر، وراء قدرة البشري الملفتة على الاستمرارية المتعلمة، والمواصلة التراكمية، ونقل كل خلاصة حديثة إلى مستقبل أحدث، وراء احتفاظ الكائن البشري بكينونته الباحثة، المسالمة، التواقة إلى حب الخير، وعمران الكوكب، والنفاذ إلى إسار هذا الكوكب إلى ملكوت الكون المفتوح على تمدد مستدام وتوسع لم يكف منذ أربعة عشر مليار سنة لو صح الحساب.
ونزولا سريعا باتجاه الموضوع، ف للقراءة في المرحلة الجامعية الدور الأساس في صناعة شخصية الطالب الجامعي، إن على المستوى الأكاديمي العلمي والبحثي، أو على المستوى الشخصي التفكيري والعلاقاتي وغيره.. فنحن أمام مرحلة وسطى يراوح فيها الطالب بين تجربته المستقلة وتجربته الممتدة ضمن العائلة، ويتحرك فيها ضمن مرحلة الاعتماد ومرحلة النضوج، بين رحلته العقلية في رحاب الأسس ومختلف المواد، ورحلته تجاه التخصص المستقبلي الناظم لما سيأتيه في قادم الأيام، … والحديث عن هذة المرحلة والرحلة يطول، ولكن الأكيد هو أن القراءة ضمن هذا الإطار تعني جسرا مهما ينضج الشخصية، ويهيئها للاستقلالية الواعية والمراعية، ويجسر الهوة بين التخصص وصاحبه على أكثر من مستوى، وبما يلبي حاجة المتخصص إلى التنويع اللازم خارج سياج التخصص، وإلى التعمق العمودي ضمن تخصص التخصص وزيادة التخصص..
1-القراءة، مهارة صميمة ضمن المنهج الجامعي:
- تعد القراءة التخصصية جزئية أصيلة ضمن المقررات الجامعية في جامعة العلوم والتكنولوجيا اليمنية، إذ تظهر للطالب أول محاضرة له في كل مادة، حيث يستبين المراجع المعتمدة له، والمتوفرة قطعا في المكتبة الجامعية، وهذا يجعل الطالب على السكة الطبيعية حيث تكون الاستزادة التخصصية من مراجع معتمدة تلبي فضوله المعرفي، وتشكل مرجعية معتمدة على الدليل، وكما وتسهم بفاعلية في الوصول إلى المخرجات المرسومة ضمن أدبيات الجودة الأكاديمية المقرة.
- مهارة القراءة تعد موضوعا مهما يدرسه كل طلبة الجامعة ضمن مقرر مهارات الاتصال، وفيه يدرس الطالب الجزئيات الأساسية في مهارة القراءة، كما يتم التركيز فيه على مهارة التفكير الناقد، وإعمال القدرات العقلية الدنيا والعليا، لو جاز التلخيص استنادا إلى تقسيم المهارات العقلية في هرم بلوم.
2. القراءة ضمن الأنشطة اللاصفية
أقامت وتقيم الجامعة الكثير من الأنشطة اللاصفية المرتبطة بالقراءة، فالندوات العلمية هي تقليد متكرر لكل الأقسام العلمية في الجامعة، كما أن الجامعة تتبنى بعض الأنشطة المرتبطة مباشرة بالقراءة عبر شؤون الطلبة، والأندية الطلابية، وعلى رأسها نادي اقرأ.
ونادي اقرأ هو أحد الأندية الطلابية التي أسسها طلبة الجامعة، وبإشراف من شؤون الطلبة، نادي اقرأ، وهو ناد متخصص بإقامة مختلف الأنشطة القرائية وفي الجامعة، ونشر ثقافة القراءة بين الطلبة، وخلق الوسائل الفاعل لزيادة منسوب القراءة لدى الطلبة. وللنادي فروعه التي تتوزع على كافة فروع الجامعة. كما أن له إسهامات خاصة في مجال القراءة يجب التفصيل فيها لأهميتها الجوهرية.
- أ- الجلسات النقاشية: وهي اجتماعات دورية غالبا ما تكون شهرية، يلتقي فيها أعضاء النادي وبقية الطلبة المهتمين لمناقشة الكتاب الذي اتفقوا على قراءته في الجلسة الماضية..
لكل جلسة مدير للنقاش يتم اختياره سلفا، وضيف للنقاش، وغالبا ما يكون شخصا متخصصا في موضوع الكتاب المقروء، أو في مجاله وجنسه الخاص، أو مؤلف الكتاب شخصيا، ويتم النقاش بين الحضور والضيف، بما يثري المادة المقروءة، ويخضعها للتمحيص والدراسة، ويضاعف الاستفادة المبتغاة، كما ويعطي للجميع منظورات متنوعة حول موضوع الكتاب المقروء.
قرئت في هذه الجلسات كتب مرموقة في الفكر وعلم النفس وعلم الاجتماع وكتب وروايات ذات أهمية جوهرية.
- مؤتمر نقطة: أقيم مؤتمر نقطة في المدة من 4 إلى 6 فبراير 2019م وكان مقرر له أن يتحول إلى نشاط سنوي، وقد أعلن عنه باعتباره المؤتمر الأول للقراء، وشهد حضورا ضخما في كل جلساته..
شارك في المؤتمر نخبة من مثقفي اليمن، وفيه قدموا موضوعات تهم القارئ والكاتب والمثقف في الإطار اليمني، وقد كان نوقشت فيه بعض المواضيع المرتبطة بالتكوين المعرفي، والقراءة التخصصية، قراءة الرواية، والقراءة في ظل التسارع التكنولوجي، كما نوقشت فيه تجارب بعض المؤلفين، وغير ذلك من الأنشطة.
- مشاريع وتحديات قراءتها:
- مشروع ترميم: من أهم المشاريع التي تبناها النادي، وقد تم تقديمه ضمن مشاريع نادي اقرأ على أنه “أحد المخارج التي يسعى نادي اقرأ من خلالها الى اعداد جيل قارئ يدرك أهمية القراءة لينشأ بفكر سليم يساهم في نهوض مجتمعه وأمته، وأهم أهدافه تنمية الوعي العام بواقع القراءة وضرورة الارتقاء به، بناء شبكة من القرّاء وتفعيل التواصل بينهم لبناء، رسم منهجية واضحة ومتدرجة في القراءة المستديرة، وأيضا جعل القراءة تجربة اجتماعية وثقافة مجتمعية، وتم تقسيم المشروع إلى مراحل أربع: التمهيدية، التأسيسية، التدريبية، التعليم الذاتي.
- تحدي مضمار القراءة: والذي أقيم لكل طلبة الجامعة، وفيه مراحل عدة/ تصفيات، ومن بعدها يتم اختيار بطل تحدي مضمار القراءة.
- د- الدورات التدريبية: ومنها دورات ذات طبيعة إدارية لكل هيئة إدارية جديدة للنادي، ودورات مهارية مفتوحة لمن يريد الالتحاق ومنها مهارات وآليات القراءة، والتي أقيمت لمرات عدة كي يبتدئ الطالب رحلته القرائية على بصيرة.
- ه- إحياء الأيام العالمية، وعلى رأسها اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، ويوم اللغة العربية، وفيهما تقام عدة أنشطة، منها معرض للكتاب، واستضافة متخصصين، وفقرات فنية، وغيرها.
- و- النقاشات الإلكترونية: وهي نقاشات كانت تقام عبر صفحة النادي وعبر مجموعاته على الواتساب، ويحدد سلفًا موضوعها والضيف المناقش، ومن المواضيع التي تمت مناقشتها: تأثير السينما في الثقافة
3. القراءة والمجتمع
للجامعة إسهامات عديدة في نشر الوعي القرائي سواء عبر أنشطة مع جهات أخرى، أو عبر أنشطة أقامها نادي اقرأ بغرض نشر ثقافة القراءة في إطار المجتمع اليمني، حيث أقام النادي العديد من الفعاليات مع جهات خارج الجامعة، ومن ذلك مشروع “فواصل” القراءة والفن، وفيه أقام النادي بالتعاون مع مركز الوافي للتدريب الفني والإعلامي جلسة مناقشة عداء الطائرة الورقية بحضور عدد من الفنانين والمهتمين.
كما أقامت الجامعة بطولة لتحدي القراءة للمدارس، وفعاليات للاحتفاء بالمؤلفين من الطلبة، وإقامة ركن معرفي في بعض المدارس قدمت فيه بعض الفقرات عن القراءة والقراءة للأطفال وغيره، وغير ذلك من الأنشطة الكثير.